بداية يمكن القول بان التعليم والتعلم باللغة الام هو من الحقوق الاساسية للانسان و نصت عليه جميع المواثيق والعهود الدولية والابرز منها ميثاق الامم المتحدة 1945 و اتفاقية مكافحة التمييز 1960 والعهد الدولي الخاص 1966 واتفاقيه حقوق الطفل 1989 وجميع المقررات الصادرة من المنظمات الدولية ذات الصلة ولاسيما منظمة اليونسكو العالمية وهناك من يطلق على هذا الحق بالجيل الثاني من حقوق الانسان .
الا انه في المناطق الكوردية الخاضعة للادارة الذاتية تم فرض التعليم باللغة الكوردية لغايات اخرى بعيدا عن اهداف التعليم الاساسية وبعيدا عن ممارسة حق التعليم والتعلم باللغة الام اذ تم فرض المناهج باللغة الكوردية من قبل ال ب ي د دون مراعاة ابسط الشروط وقواعد التعليم والتعلم ودون الاخذ بالحسبان مصلحة الطلاب الكورد في ذلك وبالتالي فان الغاية من هكذا قرار لم تكن من باب الحرص على التعليم باللغة الام و خدمة للكورد والقضية الكوردية فلو ان الامر كذلك لعمل الحزب الام لحزب ال ب ي د وهو حزب العمال الكوردستاني على تطبيق ذلك في كوردستان تركيا (حيث ولادة الحزب والانتماء ).
ففي يوم الاثنين الموافق 5/8/2002 اقر البرلمان التركي مجموعة مشاريع اصلاحات قانونية تم طرحها من قبل حزب الوطن الام بزعامة مسعود يلماز ومن ضمن هذه المشاريع القانونية الاعتراف بالحقوق الثقافية للاكرادوالسماح بالتعليم باللغة الكوردية في مدارس خاصة على ان يتم باشراف الدولة التركية والسماح ببث برامج باللغة الكوردية في التلفزيون الرسمي وقد صدر القرار حينذاك باغلبية الاصوات في البرلمان 253 صوت ضد 152 صوت وامتناع واحد عن التصويت وبناء على القانون الصادر استغل حزب العمال الكوردستاني وعن طريق جناحه السياسي حينذاك حزب السلام الديموقرطي هذا المكسب القانوني لصالح الكورد وعملوا على فتح مدارس خاصة للتعليم باللغة الكوردية في المحافظات الكوردية وتم اصدار مناهج دراسية لتعليم الطلاب باللغة الكوردية وباشراف وموافقة الحكومة التركية الا ان الحزب المذكور وبعد مرور اكثر من سنة على فتح المدارس باللغة الكوردية قرر اغلاق تلك المدارس بحجج ومبررات واهية منها ان الدولة التركية تستغل هذه المدارس لاظهار ديموقراطيتها لدى الاوربيين محاولة منها للانضمام للاتحاد الاوربي ولقطع الطريق على الحكومة التركية لتمرير هذه السياسة.
قرر الحزب اغلاق تلك المدارس رغم ان الكورد في تركية بامس الحاجة لتعليم باللغة الكوردية كون معظمهم لايتقنون اللغة الكوردية لامحادثة ولاقراءة ولاكتابة وخلال زيارة لنا كمجموعة من المحامين الكورد السوريين من كوباني بعد انتفاضة 2004 في المناطق الكوردية بسوريا قمنا بزيارة الى قلب كوردستان تركيا (ديار بكر )بناء على دعوة من السيد اوصمان بايدمر رئيس بلدية ديار بكر حينذاك واثناء تجوالنا على عدد من المؤسسات التابعة لحزب السلام والديموقراطية ومن ضمنها المدارس الكوردية الخاصة التي تم فتحها واغلاقها من قبل الحزب المذكور فقد اوضح لنا السيد مدير المدرسة وكادره الاداري والتدريسي بوقتها بانهم قرروا اغلاق المدارس لان الحكومة التركية لاتدعم المدارس الكوردية ماديا وان الاهالي لايرغبون بتعليم اولادهم بالمدارس الكوردية ومنعا من استغلال الحكومة هذه المدارس لااظهار وجهها الديمقراطي قررنا اغلاق المدارس.
وبغض النظر عن المبررات والاسباب التي دعت حينها باتخاذ القرار بالاغلاق اعتقد بان المبررات والاسباب التي يتمسك بها الحزب المذكورحاليا لفرض المناهج باللغة الكوردية في كوردستان سوريا هي نفسها كانت موجودة في كوردستان تركيا فضلا عن وجود قانون صادر من الحكومة التركية يسمح بالتدريس والتعليم باللغة الكوردية وقبول الشهادات الصادرة عن تلك المدارس فكان من السهل جدا خلق جيل من الكودار التدريسية يتقنون التدريس باللغة الكوردية واكادميين مختصين لوضع البرامج و المناهج العلمية المتطورة بحيث تتوافق وتنسجم مع الشروط والقوانين الدولية الصادرة بخصوص المناهج التعليمية للطلاب .
ومن ناحية اخرى فان البرلمان التركي اقر ايضا مشروع تعديل قانوني في الثاني من شهر اذار لعام 2014 ضمن حزمة الاصلاحات الديموقراطية بهدف توسيع نطاق الحريات والحقوق الاساسيه وقد استهدف هذا التعديل تحديدا حقوق الاكراد لنواحي حرية التعليم باللغة الكوردية بالاضافة الى استرجاع أسماء القرى الكوردية التي تم تغييرها ضمن حملة التتريك الا ان حزب العمال الكوردستاني وجناحه السياسي في تركيا حزب الشعوب الديمقرطي لم يستغل هذا المكسب القانوني لصالح الكورد ولم يبادر الى تقديم اي طلب باعادة التسميات القديمة للقرى الكوردية التي طالتها سياسة التتريك رغم ان القانون التركي يلزم الحكومة باعادة التسميات القديمة للقرى التي تم تتريك اسمها بشرط ان يتم تقديم طلب خطي من اهالي القرية او حتى من مختار القرية نفسه يطلب فيه اعادة التسمية القديمة للقرية والزم الحكومة بتنفيذ ذلك اصولا .
لذلك يتضح بان ادعاء الجهة التي تدعي الحرص على الثقافة واللغة الكوردية وحماية الكورد ينهار امام هذه الوقائع الثابتة علما ان القوانين المذكورة اعلاه لازالت سارية المفعول في تركيا الا اننا لم نجد اية جهة سياسية كوردية في تركيا تعمل على استغلال هذه المكاسب القانونية او فرض التعليم باللغة الكوردية على الكورد في تركيا رغم وجود قرار من الحكومة التركية بفتح المدارس باللغة الكوردية وقبول شهادتها لكن ال ب ي د و باوامر وتوجيهات من الحزب الام يقوم بفرض ذلك على الكورد في سوريا رغم عدم وجود اي اعتراف رسمي او غير رسمي بتلك المدارس وبالشهادات الصادرة عنها ومما يبدو للعيان والحالة هذه ان الكورد السوريين وفق وجهة نظرهم ما هم الا عبارة عن حقل تجارب لسياساتهم واجنداتهم الحزبية الضيقة التي لاتخدم جوهر القضية الكوردية ومن الواضح وبشكل جلي بان الهدف من فرض المناهج التعليمية باللغة الكوردية في كوردستان سورية والمزوادة بالحرص على الهوية والثقافة الكوردية ما هو الا نشر ايدولوجية الحزب الواحد من خلال هذه المناهج التعليمية لبناء جيل عقائدي يتمتع بعقلية الولاء التام لسياسة الحزب الواحد وتعليب المجتمع الكوردي في سورية ضمن سياق ايدولوجيته وعقليته الاقصائية والذي ادى بالنتيجة الى افراغ المناطق الكوردية من سكانها وتهجير البقية المتبقية من الكورد السوريين
المحامي مصطفى مستو
4/11/2015 عضو المجلس الوطني الكوردي
مرتبط