كشفت تقارير صحافية أن القوات الأميركية ستنسحب من
سورية بما في ذلك من قاعدة التنف جنوب شرقي البلاد، فيما قالت موسكو إنها
تدين ولا تقبل وجود القوات الأميركية «كدولة محتلة» في سورية. وإذ شددت
روسيا على ضرورة سحب هذه القوات، اشارت إلى اتصالات مباشرة «فعالة» مع
واشنطن لتسوية الأزمة السورية.
وجددت الخارجية الروسية مطالبة
تركيا «الإيفاء بتعهداتها» بمقتضى اتفاق سوتشي حول إدلب، وأكدت أنها لن
تسمح بإنشاء «محيمات للارهابيين»، لكنها أشارت إلى تفهمها صعوبة المهمة،
وهي تنطلق من أن أنقرة تحترم وحدة الأراضي السورية.
وكشفت موسكو عن
تأجيل موعد جولة «آستانة» الثانية عشرة إلى منتصف آذار (مارس) المقبل،
مؤكدة أن قادة ضامني آستانة سيبحثون في قمتهم المقبلة منتصف الشهر الجاري
تبعات الاسحاب الأميركي من سورية، والوضع في إدلب، إضافة إلى تشكيل اللجنة
الدستورية.
ونقلت صحيفة «وول
ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين قولهم إن الجيش الأميركي
يستعد لسحب قواته من سورية بنهاية نيسان (أبريل) وإن جزءاً كبيراً منها
سيكون قد انسحب بحلول منتصف الشهر المقبل. بدروها نقلت «رويترز» عن مسؤول
أميركي تأكيد هدف سحب القوات في نسيان، كاشفاً أنه يشمل الانسحاب من قاعدة
التنف قرب المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن.
ومعلوم أن
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنه
سيسحب كل القوات وقوامها 2000 جندي من سورية، ما فاجأ خصوم واشنطن وحلفاءها
على حدّ سواء. وتعليقاً على ما نقلته الصحيفة الأميركية قال مسؤول تركي إن
الولايات المتحدة لم تظهر لأنقرة أي إشارة في شأن موعد اكتمال الانسحاب
الأميركي من سورية، في حين اكتفى مسؤول في «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)،
التي تتصدرها «وحدات حماية الشعب»، بالقول إن «ما نعرفه ونعلمه أنه ليس
هناك إلى الآن أي انسحاب، والوضع على الأرض كما كان، وليس هناك أي نقاش
لتحديد أي موعد أو سقف زمني» للانسحاب.
وأفاد الكرملين بأن الرئيس
فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الوضع في سورية قبل أيام من
قمة منتظرة مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني.
وفي
حوار مع صحيفة «كوميرسانت» الروسية، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي
فرشينين: «نحن لا نقبل، وندين وجود الأميركيين، كدولة محتلة، في هذه الأرض
السورية من دون موافقة الحكومة السورية»، وزاد: «نحن لا نغير موقفنا
المبدئي: على الأميركيين الانسحاب من هناك. لا نرى أي أسباب لتبرير وجود
كهذا»، مستدركاً: «عموماً لدينا اتصالات، برأيي فعالة، بما في ذلك مع
الولايات المتحدة، حول مسائل التسوية السورية. نعلم ورأينا، مثل الجميع،
تصريح الرئيس الأميركي حول الانسحاب من سورية. ونحن ننظر بتمعن كيف يتم
تفسيره، وكيف سيتم تنفيذه. بالطبع نحن على استعداد لمناقشة جميع هذه
القضايا في إطار اتصالاتنا مع الأميركيين».
وفي خصوص الأوضاع في
إدلب، شدد فرشينين على أن روسيا لن تسمح بوجود «محميات» للإرهاب، موضحاً أن
«إدلب هي آخر منطقة عاملة بين مناطق خفض التصعيد الأربعة التي تم إنشاؤها
في عام 2017. ومنذ البداية في جميع اتفاقياتنا حول مناطق التصعيد، اتفقنا
بالنص على أن هذا تدبير موقت. وهذا يعني أن لا أحد سيعترف بهذه المنطقة على
هذا النحو إلى الأبد. ويعني أننا نعتبرها وسنعتبرها جزءاً لا يتجزأ من
الدولة والأراضي السورية. ويعني أننا لن نسمح بوجود محميات للإرهاب البغيض
في سورية. وقلنا بكل صراحة، إنه يجب القضاء على الإرهاب آجلاً أم عاجلاً».
ومع
إشارته إلى تفهم روسيا مهمة تركيا «الصعبة»، خاطب الديبلوماسي الروسي
الأتراك بالقول إن «المذكرة لم تنفذ بالكامل والمنطقة المنزوعة السلاح لم
تكتمل بعد ولا تعمل في شكل صحيح، وندعوهم إلى التسريع بتنفيذ المذكرة»،
لافتاً إلى أن روسيا تنطلق «من حقيقة أن تركيا تحترم وتراعي وحدة أراضي
سورية ولا تطالب بالأراضي، ومهمتها الوحيدة التي نتفهمها هي ضمان مصالحها
الوطنية وأمنها ومكافحة الإرهابيين».
وكشف فرشينين أن قادة روسيا
وتركيا وإيران سيبحثون خلال قمتهم في منتجع سوتشي منتصف الشهر الجاري،
الموقف في إدلب والعملية السياسية، وتبعات نية الولايات المتحدة سحب قواتها
من سورية.
وزاد أن جدول أعمال المفاوضات «سيشمل تحليلاً لما يحدث
على الأرض»، وما يمكن القيام به في إطار تنسيق الدول الثلاث الضامنة
لآستانة، لضمان تحقيق استقرار أكبر «على الأرض»، لتعزيز النجاحات التي
تحققت خلال محاربة الإرهاب، ومنع الهجمات الإرهابية في أي جزء من سورية».
كما
أعلن فرشينين عن تأجيل جولة مفاوضات آستانة الثانية عشرة حتى منتصف آذار
بعدما كان مقرراً عقب قمة ضامني آستانة، موضحاً أن الجولة المقبلة ستعقد
«من أجل تنفيذ الاتفاقات والقرارات التي ستعتمد في سوتشي».
وفي خصوص
اللجنة الدستورية قال الديبلوماسي الروسي البارز «نحن مستعدون أن نبدأ
عملها ولو غداً، بشرط أن توافق الأطراف جميعها على ذلك وبشرط أن يكون هناك
تفاهم وتأييد من طرف الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن روسيا «مرنة» جداً في
هذا الجانب وعلى «استعداد للنظر في جميع الخيارات».
ورفض فرشينين
المقارنة بين العمليات التركية والضربات الإسرائيلية المتكررة على المواقع
الإيرانية في سورية. وقال: «يجب وقف مثل هذه الضربات (الإسرائيلية)
التعسفية على الأراضي السورية ذات السيادة، لا ينبغي لأحد أن يفعل في سورية
ما يتجاوز نطاق أهداف مكافحة الإرهاب»، لكنه أكد أن المشاورات جارية بين
العسكريين الروس والإسرائيليين بهدف زيادة فعالية قناة الاتصال الخاصة بمنع
وقوع حوادث بين الطرفين في سورية، وفي المقابل أشار إلى أن «حادث إسقاط
الطائرة لم ينته». وكانت موسكو أعلنت منذ ايام ان رئيس وزراء إسرائيل
بنيامين نتانياهو سيزور موسكو في 21 من الشهر الجاري، في المرة الأولى منذ
حادثة اسقاط الطائرة الروسية «إيل 20» في 17 أيلول (سبتمبر) 2018.
مرتبط