تزامناً مع قرب الاعلان عن هزيمة “داعش” في آخر جيب
شرق الفرات، وفي أول لقاء بعد قرار واشنطن الانسحاب من سورية ثم تعديله نحو
الابقاء على قوة شرق الفرات وأخرى في قاعدة التنف، يلتقي رئيسا الأركان
الأميركي جوزيف دانفور مع نظيره الروسي فاليري غراسيموف في فيينا. ومع
تأكيدها أن لا حاجة إلى “اصطناع مجموعة أخرى” لبحث تسوية الأوضاع في سورية،
لم تستبعد موسكو ضم أعضاء اضافيين إلى مجموعة آستانة التي تضم إيران
وتركيا وروسيا.
وقال الناطق باسم هيئة الأركان الأميركية
المشتركة الكولونيل باتريك رايدر إن “القائدين العسكريين سيبحثان تفادي
حصول تصادم خلال عمليات التحالف والعمليات الروسية في سورية، وتبادل وجهات
النظر بشأن أوضاع العلاقات العسكرية الأميركية- الروسية والأوضاع الأمنية
الدولية الحالية في أوروبا ومواضيع أساسية أخرى”.
من جانبها، اكدت وزارة الدفاع الروسية في بيان عقد الاجتماع في فيينا، لكنها لم تكشف عن أجندة الاجتماع.
وأبقى
القادة العسكريون الأميركيون والروس قناة تواصل بينهم على رغم تصاعد
التوترات بين البلدين، ومنذ بداية التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية
في خريف 2015 حدّدت كل من موسكو وواشنطن منطقة عملياتها ضد تنظيم “داعش”،
وتبادلتا المعلومات حول العمليات الجوية المقررة لتفادي أي تماس.
وتؤكد موسكو أن وجودها العسكري في سورية قانوني وجاء بعد طلب من الحكومة السورية، وتنتقد الولايات المتحدة بنشر قواتها على أراضي سورية في شكل غير شرعي ومن دون إذن النظام، وطالبتها أكثر من مرة بسجب قواتها من شرق الفرات ومن قاعدة التنف، واتهمتها بأنها تسعى إلى تقسيم سورية عبر دعم “قوات سورية الديموقراطية” .
وفي آب (أغسطس) 2018،
وعقب لقاء القائدين العسكريين وجّهت روسيا رسالة سرية تم تسريبها تتضمن
مقترحات تعاون مع الولايات المتحدة لضمان إعادة إعمار سورية وعودة
اللاجئين.
وفي كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي قرر الرئيس
الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية المنتشرة في شمال شرقي سورية،
حيث شاركت في القتال إلى جانب قوات كردية ضد “داعش”، لكنه عاد ووافق على
إبقاء قوة صغيرة قوامها نحو مئتي جندي. وتأمل واشنطن في أن يساهم شركاؤها
الغربيون في التحالف ضد “داعش” في تشكيل قوة دولية هدفها تدريب قوات أمن
قادرة على إرساء الاستقرار في شمال سورية وشرقها. وفي المقابل أكد الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين منذ أيام أنه بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو تشكيل “مجموعة عمل” لاخراج كل “القوى العسكرية من الأراضي
السورية”، وكشف بوتين أن فكرة المجموعة تكمن في بحث تطبيع الأوضاع النهائي
في سورية من قبل الحكومة والمعارضة في سورية إضافة إلى الدول الاقليمية
والأطراف المنخرطة والمهتمة بالصراع السوري بعد القضاء على آخر بؤر
الإرهاب، وشدد، حينها، على ضرورة “سحب جميع القوات المسلحة من أراضي
الجمهورية العربية السورية، والاستعادة الكاملة للدولة السورية والحفاظ على
وحدة أراضيها”.
وفي شأن متصل بوجود القوات الأجنبية في سورية، قال
الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن وجود إيران في سورية
استشاري ولا تملك معسكرات وقوات عسكرية فيها.
ووفق وكالة “فارس”
الإيرانية، قال قاسمي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي: “لا نملك وحدات عسكرية
ومعسكرات في سورية، بل إن وجودنا استشاري الطابع”، مشدداً على أن ايران
ستستمر “في هذا الوجود ما دامت سورية تطلب منا ذلك”.
إلى ذلك، قلل
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أهمية تشكيل مجموعات عمل إضافية لبحث
التسوية في سورية. وقال: “لا أرى حاجة لتشكيل أي مجموعات عمل حول سورية…
توجد عملية آستانة المتعارف عليها من قبل الجميع، والتي تجري تحت سقفها
الحكومة السورية والمعارضة المسلحة مفاوضات ناجحة بوساطة تركيا وروسيا
وإيران”. كما لفت الوزير الروسي إلى أن “هناك أدوات المبعوث الدولي إلى
سورية، واتصالات في إطار رباعية روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، كما تحافظ
موسكو على تواصل مع المجموعة الصغيرة حول سورية، وكذلك مع واشنطن عبر
القنوات العسكرية”، وخلص لافروف إلى أنه “في ظل وجود مثل هذه الشبكة
المتشعبة من الاتصالات التي يجب ويمكن أن تؤدي إلى إنجاح جهود التسوية
السورية، لا داعي لاصطناع مجموعة أخرى”.
وأشار لافروف إلى ممثلي
الأمم المتحدة والأردن والولايات المتحدة شاركوا في صيغة أستانة بصفة
مراقبين، قبل انقطاع الأميركيين عن الحضور، وزاد “لا نستبعد ظهور مراقبين
إضافيين في إطار هذه العملية”.
مرتبط