نفذت قوات سورية ومجموعات مسلحة بدعم جوي روسي يوم الأربعاء ما بدا أنها أول هجمات منسقة على نطاق كبير ضد مقاتلين سوريين معارضين وقالت موسكو إن سفنها الحربية استهدفتهم بإطلاق 26 صاروخا من بحر قزوين في إشارة للمدى الذي وصلت إليه عملياتها العسكرية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجوم المنسق استهدف بلدات قريبة من الطريق السريع الرابط بين الشمال والجنوب والذي يمر عبر مدن كبرى في أراض تسيطر عليها الحكومة بدرجة كبيرة في غرب سوريا.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد الذي يقع مقره في بريطانيا ويستقي معلوماته من شبكة مصادر داخل البلاد إن هجمات برية باستخدام صواريخ سطح-سطح استهدفت أربعة مواقع على الأقل لمقاتلي المعارضة في المنطقة ووقعت اشتباكات عنيفة على الأرض.
وقال مصدر بالمنطقة إن جماعة حزب الله اللبناني المدعومة من إيران شاركت في القتال.
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على كثير من أراضي سوريا منذ تطورت احتجاجات ضد الحكومة في 2011 إلى حرب أهلية لكن المناطق المستهدفة في الهجوم المنسق اليوم الأربعاء تسيطر عليها فصائل أخرى بعضها مدعوم من الغرب لتتعزز مزاعم يسوقها منتقدون لروسيا بأن هدفها الحقيقي هو مساعدة الحكومة.
وتقول موسكو إنها تشارك الغرب هدفه منع انتشار تنظيم الدولة الإسلامية وأبلغ وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو الرئيس فلاديمير بوتين خلال اجتماع بثه التلفزيون بأن أربع سفن حربية روسيا في بحر قزوين أطلقت 26 صاروخا على الدولة الإسلامية في سوريا في وقت سابق يوم الاربعاء.
ولابد وأن هذه الصواريخ قد مرت فوق إيران والعراق لتصل لأهدافها لتغطي ما قال شويجو إنها مسافة تبلغ 1500 كيلومتر في أحدث استعراض للقوة العسكرية الروسية في وقت تردت فيه العلاقات بين موسكو والغرب إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة بسبب الصراع في أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الصواريخ كاليبر البحرية التي تحلق قريبا من الأرض – والمعروفة لدى حلف شمال الأطلسي باسم سيزلر- تطير على ارتفاع 50 مترا فوق سطح الأرض وتتميز بدقة في إصابة أهدافها تبلغ ثلاثة أمتار.
وفاجأت الهجمات الجوية الروسية واشنطن وحلفاءها وأقلقت تركيا الجارة الشمالية لسوريا التي قالت إن مجالها الجوي تعرض لانتهاكات متكررة من قبل مقاتلات روسية.
واستدعت أنقرة السفير الروسي لديها للمرة الثالثة خلال أربعة أيام بسبب تلك الانتهاكات التي قال حلف شمال الأطلسي إنها تبدو متعمدة و”خطيرة للغاية.”
وقالت تركيا إن أنظمة صواريخ موضوعة في سوريا تعرضت لطائراتها يوم الثلاثاء بينما كانت ثماني مقاتلات من النوع إف-16 تنفذ دوريات على الحدود السورية.
* العراق يتطلع إلى روسيا..
ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر عسكري قوله إن الصواريخ التي أطلقتها السفن الروسية استهدفت 11 موقعا للدولة الإسلامية في الرقة وحلب وإدلب.
وقال التلفزيون السوري إن الصواريخ دمرت مصانع للقنابل ومراكز قيادة ومخازن للسلاح والذخيرة والوقود بالإضافة إلى مراكز لتدريب “إرهابيين.”
وقال قائد لواء صقور الجبل وهو أحد فصائل المعارضة السورية التي دربتها الولايات المتحدة إن الصواريخ الروسية دمرت مستودعات الذخيرة الرئيسية للمجموعة.
وقال بوتين خلال المحادثة مع وزير دفاعه شويجو إن من السابق لأوانه الحديث عن نتائج العمليات الروسية في سوريا وأمر شويجو بمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وإيران والعراق بشأن الأزمة.
لكن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر قال إن الولايات المتحدة لن تتعاون عسكريا مع روسيا في سوريا رغم أنها تنوي مواصلة المناقشات الفنية الأساسية من أجل ضمان سلامة طياريها الذين يقصفون أهدافا للدولة الإسلامية في سوريا.
ووصف كارتر استراتيجية موسكو بأنها “معيبة بشكل مأساوي” وجدد اتهامات بأن الغارات لا تركز على الدولة الإسلامية.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن ضربتين جويتين فقط من اصل 57 ضربة جوية روسية أصابتا تنظيم الدولة الإسلامية بينما استهدفت الضربات الباقية المعارضة المعتدلة وهي القوة الوحيدة التي تحارب التنظيم المتشدد في شمال غرب سوريا.
لكن في العراق قال رئيس لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان حاكم الزاملي إن العراق قد يطلب قريبا شن ضربات جوية روسية ضد الدولة الإسلامية في أراضيه وانه يريد ان تلعب موسكو دورا أكبر من الولايات المتحدة في قتال التنظيم المتشدد بالعراق.
وتشكك الحكومة العراقية وفصائل شيعية قوية تدعمها إيران في مدى إصرار الولايات المتحدة على محاربة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يسيطرون على ثلث البلاد ويقولون إن الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة غير فعالة.
وقال الزاملي لرويترز “قد يضطر العراق قريبا في الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة الى الطلب من روسيا لتوجيه ضربات وهذا يعتمد على نجاحهم في سوريا.”
*دعم جوي فقط حتى الآن..
وقال السفير الأمريكي لدى حلف شمال الأطلسي إن تعزيز روسيا لوجودها العسكري في سوريا يشمل زيادة الوجود البحري والصواريخ البعيدة المدى وكتيبة من القوات مدعومة بأحدث الدبابات الروسية.
وأضاف السفير دوجلاس لوت للصحفيين قبل اجتماع لوزراء دفاع الحلف في بروكسل “هناك وجود بحري روسي كبير ومتنام في شرق البحر المتوسط وأكثر من 10 سفن الآن وهو ما يزيد قليلا عن المعتاد.”
وقال عبد الرحمن مدير المرصد السوري إن روسيا بدت اليوم الأربعاء ملتزمة بالدعم الجوي. وجاء الهجوم بعد تقرير من رويترز الأسبوع الماضي أفاد أن حلفاء الاسد بمن فيهم الإيرانيون يعدون لاستعادة أراض خسرتها الحكومة أمام المعارضة في تقدم سريع هذا العام.
وقال المرصد إن الضربات الروسية استهدفت بلدات كفر زيتا وكفر نبودة والصياد وبلدة اللطامنة في محافظة حماة وبلدتي خان شيخون والهبيط في إدلب.
وقال المصدر الموجود بالمنطقة والمطلع على الموقف العسكري في سوريا إن قوات تضم مقاتلين من جماعة حزب الله تشارك في الهجوم البري على أربع مناطق تسيطر عليها المعارضة في غرب سوريا.
وقال تلفزيون المنار التابع لحزب الله في نبأ عاجل إن عملية للجيش السوري بدأت في عدد من القرى والبلدات في ريف محافظة حماة الشمالية.
ونشر المكتب الإعلامي لجماعة معارضة مقطع فيديو يظهر فيه ما يبدو كضربات صاروخية عنيفة يوم الأربعاء وهي تصيب مناطق في ريف محافظة حماة.
وأظهرت لقطات أخرى من حماة مقاتلين من الجيش السوري الحر يطلقون صواريخ مضادة للدبابات ويصيبون دبابتين للجيش السوري.
(شاركت في التغطية ليلى بسام – إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية – تحرير مصطفى صالح)
مرتبط