أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقا لوقف إطلاق النار بين جماعات المعارضة السورية والحكومة السورية بدءا من منتصف ليل يوم الخميس.
وقال بوتين إن الأطراف على استعداد أيضا لبدء محادثات سلام بعد أن قالت موسكو وإيران وتركيا إنهم على استعداد للتوسط في اتفاق سلام في الحرب السورية المستمرة منذ قرابة ستة أعوام.
وأعلن الجيش السوري وقفا للقتال على مستوى البلاد لكنه قال إن الاتفاق يستثني تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة وكل الجماعات المرتبطة بهما. ولم يحدد الجيش هذه الجماعات.
وقال عدد من مسؤولي المعارضة لرويترز إنهم وافقوا على خطة وقف إطلاق النار التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الساعة 2200 بتوقيت جرينتش يوم الخميس.
وهذا هو ثالث اتفاق لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد هذا العام. وانهار الاتفاقان السابقان اللذان توسطت فيهما روسيا والولايات المتحدة خلال أسابيع فيما تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بانتهاك الهدنة. ولا يتضمن الاتفاق الحالي الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة.
وعبر أحد قادة المعارضة عن تفاؤله بصمود هذا الاتفاق. وقال دون الخوض في تفاصيل “هذه المرة لدي ثقة في جديته. هناك معطيات دولية جديدة.”
واكتسبت المحادثات بشأن وقف إطلاق النار زخما بعد أن قالت روسيا وإيران وتركيا إنها على استعداد لدعمه وتبنت إعلانا يحدد مبادئ سيتعين على أي اتفاق أن يلتزم بها.
وقال بوتين إن جماعات المعارضة والحكومة السورية وقعتا عددا من الوثائق بينها اتفاق وقف إطلاق النار وإجراءات مراقبة الاتفاق وبيان بشأن الاستعداد لبدء محادثات السلام.
وقال بوتين “الاتفاقات التي تم التوصل إليها بالطبع هشة وتحتاج لعناية خاصة ومشاركة… لكن بعد كل ذلك هذه نتيجة ملحوظة لعملنا المشترك ومساعي وزارتي الدفاع والخارجية وشركائنا في المنطقة.”
وأضاف أن روسيا وافقت على الحد من انتشارها العسكري في سوريا حيث حول دعم موسكو للرئيس بشار الأسد كفة المعركة لصالحه في حرب تسببت في مقتل أكثر من 300 ألف شخص وأجبرت أكثر من 11 مليون شخص على النزوح عن ديارهم.
وقالت تركيا إنها وروسيا ستضمنان الاتفاق.
وقالت وزارة الخارجية التركية “بهذا الاتفاق وافقت الأطراف على وقف كل الهجمات المسلحة بما في ذلك الجوية ووعدت بعدم توسيع المناطق التي تسيطر عليها ضد بعضها البعض.”
وقال ثلاثة مسؤولين من المعارضة لرويترز إن الاتفاق يستبعد تنظيم الدولة الإسلامية لكنه يشمل جبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة في تصريحات تتناقض فيما يبدو مع بيان الجيش السوري.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن الجماعات المسلحة التي وقعت الاتفاق شملت جماعة أحرار الشام وجيش الإسلام التي تنشط بشكل أساسي قرب دمشق والجبهة الشامية وهي واحدة من الجماعات الرئيسية التي كانت تنشط في حلب.
* تهميش واشنطن
وتم تهميش واشنطن في المفاوضات الأخيرة ومن غير المقرر أن تحضر الجولة المقبلة من محادثات السلام في أستانة عاصمة قازاخستان وهي حليف وثيق لروسيا.
وقال مسؤولون إن استبعاد واشنطن يبرز تنامي إحباط تركيا وروسيا بشأن سياسة واشنطن تجاه سوريا.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال إن الولايات المتحدة قد تنضم لعملية السلام بمجرد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه.
وتسلط المحادثات بشأن وقف إطلاق النار لإنهاء الصراع الضوء على مدى تعقيد الحرب الأهلية السورية في ظل ضلوع مجموعة مختلفة من الجماعات والقوى الخارجية مع كل الأطراف.
يأتي اتفاق تركيا وروسيا للعب دور الضامن في الحرب رغم دعمهما لأطراف مختلفة في الحرب الأهلية. وكانت أنقرة تصر على رحيل الأسد الذي تدعمه روسيا.
كما أن المطالب بأن يغادر جنود جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية سوريا قد لا تلقى ترحيبا من إيران وهي داعم كبير آخر للأسد. ويقاتل جنود حزب الله في صف الحكومة السورية ضد الجماعات المعارضة للأسد.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو “كل المقاتلين الأجانب يتعين أن يغادروا سوريا. ويتعين على حزب الله العودة إلى لبنان.”
وأبلغت مصادر رويترز أنه بموجب اتفاق إطار بين الدول الثلاث فإنه يمكن تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ إقليمية غير رسمية وأن يظل الأسد رئيسا لبضع سنوات على الأقل.
*عقبات
هناك أيضا عقبات أكثر إلحاحا. ومن المقرر أن تجري جماعات معارضة سورية محادثات مع مسؤولين أتراك في أنقرة يوم الخميس.
وأبلغ مسؤول كبير في المعارضة رويترز هذا الأسبوع إن الجماعات تناقش مع تركيا اقتراح وقف إطلاق النار الذي يجري التفاوض عليه مع روسيا.
وقال منير السيال رئيس الجناح السياسي لجماعة أحرار الشام الذي يجري محادثات مع تركيا إن الجماعات رفضت مطلب روسيا باستثناء معقل للمعارضة قرب العاصمة من أي اتفاق.
وتدعم تركيا الجيش السوري الحر وهو تحالف فضفاض من الجماعات المعارضة التي تدعم أنقرة بعضها في شمال سوريا بهدف طرد تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين من حدودها الجنوبية.
وتدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية السورية في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وهو تحرك أثار غضب أنقرة التي ترى وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني. وتخشى تركيا من أن أي تقدم يحققه المقاتلون الأكراد في سوريا قد يشجع المسلحين في الداخل.
واتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة بدعم الإرهاب في سوريا بما في ذلك الدولة الإسلامية في تصريحات وصفتها واشنطن بأنها “سخيفة”.
وقال إردوغان في كلمة يوم الخميس إن تركيا تدعو “الدول الغربية منذ بعض الوقت لعدم التمييز بين المنظمات الإرهابية وأن تكون صاحبة مبادئ ومتسقة في موقفها.”
وأضاف “بعض الدول لاسيما الولايات المتحدة اختلقت بعض الأعذار بطريقتها الخاصة ودعمت بشكل مبالغ فيه المنظمات التي تذبح الأبرياء في منطقتنا. عندما نعبر عن ذلك ينزعج هؤلاء السادة.”
رويترز