صبيحة خليل: نسخة رديئة من محاكمات الإغريق في بلاد التصفيق - المجلس الوطني الكردي فى كوباني
Loading...
القائمة الرئيسية
أخر الأخبار
صبيحة خليل: نسخة رديئة من محاكمات الإغريق في بلاد التصفيق

ما كنّا لنتوقّع أواسط 2011 أن تطول المدّة لنشهد كل حلقات الحماس الملتهب من المسرحيات الانتخابية والمحاكمات الميدانية التي نحت نحو محاكاة محاكم العصور الغابرة. تلك التي أتحفتنا بها كوادر الـ”PKK”. حيث محاكم الهواء الطلق، تُعقد من قبل قضاة لم يكملوا صفوفهم الدراسية الأولى. وأقام حزب العمال الكردستاني أولى محاكمه الميدانية والعلنية باسم الشعب الكردي في سوريا قبل خمسة أعوام في شارع عشرين بحيّ الشيخ مقصود، حيث بؤرة نشاط الحزب في حلب، لأربعة متهمين بجرائم مختلقة. الأول، بتهمة “بيع الشرف الكردي للأتراك”، والثاني، بتهمة “تعاطي الكحول”، والثالث، بتهمة “شتم القائد آبو”، والرابع “تجارة مخدرات”. تمّت المحاكمة في عالم خيالي من الفنتازيا الثورية، وبحماية من قوات الأمن السوري. فبعد نصب خشبة مسرح، مشابه لمسارح أعياد النوروز، اعتلاه ثلاثة قضاة ومحام للدفاع على مرآى حشد كبير من الجمهور، قدّر بنحو ثلاثة آلاف. انطلقت المحاكمة بالحديث عن ملاحم وبطولات الكريلا وتضحياتهم وخيانة البعض الآخر للدماء التي أريقت في سبيل القضية، الذين سيمثلون أمام الجمهور ويحاكمون باسم الشعب، الذي من حقّه أن يثور ويغضب ويبصق على الخونة. ثم أطلق “القضاة” أحكامهم العادلة.

اقتيد من تم اختيارهم للعب أدوار الخيانة مكبلين بالسلاسل من وسط المتجمهرين. وأدى البعض من الحضور واجب البصق والشتم بحق الخونة. ومع انطلاق المهزلة، اعترف المتهمون بجرائمهم عن طيب خاطر، ونعتوا أنفسهم بعديمي الشرف، وبأنهم يستحقون أقسى درجات العقاب. أما محامي الدفاع، فيتدخّل قائلاً: “إن القضية سقطت من يده. لذا لا يمكنه الدفاع عنهم، لأنهم خونة. ولكنه يتطلّع إلى الرأفة بهم، بعدما أقروا بجرائمهم”.

ولمزيد من المصداقية الثورية، يطلب ناطق المحكمة من الحاضرين اقتراح العقوبة المناسبة. فتخرج امرأة من البسطاء، والمنتفخات بالحماس لتقول: “أقترح عقوبة الإعدام لمن باع الشرف الكردي. وقطع اللسان لمن شتم القائد آبو”. فتخرج من أحد القضاة الوقورين، (وهو بالمناسبة صاحب دكانة للسمانة) ضحكة رضى وحبور تفسد وقار المحكمة المهيبة فيقول: “أتفهّم حماسكم أيها الرفاق، وحرصكم على القضية. ولكننا محكومون بفلسفة المحكمة وتوخّي الهدوء. لذا سنحكم عليهم بالسجن تسعة أشهر، عسى أن يكونوا عبرة لمن يعتبر”.

ومع أنهم زعموا أنها محكمة الشعب، لكن الشعب مُنع من تصوير مجريات المسرحية الهزلية. وصودرت عدة كاميرات وسحب أصحابها من بين الجمهور. فالانضباط (الاستخبارات) كانت تتجول بين الحضور وتتصدى لهذه المهمة. بعد هذه الحادثة، شهد الشارع ذاته محكمة مشابهة لامرأة بتهمة ممارسة البغاء. واستطاع البعض تصوير محكمة العمود. لأن الضحية ربطت بعمود على قارعة الطريق، وكتب على لافتة علّقت بها: (مَن لا يبصق علي، عديم الشرف). وقتها، بررت المنظمات النسوية التابعة لـ(PYD) الحادثة بأنها مجرّد تجاوز فردي لبعض كوادرها، في الوقت الذي يعتبر العمال الكردستاني نفسه أب الحركة النسوية وحرية المرأة. ولم ينته الموضوع عند هذا الحدّ، بل تم تسويق الفيديو في محكمة العدل الأمنستي، على أنه يعود لإحدى الفصائل الإسلامية التي قامت بهذا الانتهاك ضدّ امرأة مسيحية!.

وقتذاك، أثارت تلك المحاكم الصدمة والاستغراب. أولاً، لأنها مفبركة بالمجمل، غايتها التدجين وفرض الهيبة والسطوة. وثانياً، لأن الغالبية لم يتوقّعوا أن يتم تكريسها وتصبح طقساً مجتمعياً يسود مجمل الحياة العامة في المناطق الكردية. ولكن يبدو أن المحاكمات الهزلية، صارت روتيناً يومياً.

اليوم تنحو تلك المحاكم لأن تكون غطاءاً لممارسة الإرهاب بحق كل من يرفض الانضمام لمشروع العمال الكردستاني. المجلس الوطني الكردي، على سبيل المثال، كطرف معارض ينوء تحت عبء قضية التراخيص وتهم زراعة الحشيش التي تطال كوادره وقياداته، بعدما أحرقوا مكاتبه وشمّعوا بعضها الآخر، وكأن الهدف هو فعلاً مأسسة العمل السياسي في رحاب الأمة الديمقراطية. يجري ذلك، بينما تواردت أنباء عن توجّه وزيرة التربية في حكومة “كانتون كوباني” لتقديم الشهادة الثانوية في مدارس النظام السوري؟!.

وتأتي آخر الأخبار من أروقة محاكم الحشيش، أن الرجل السبعيني، المدعو محمد سيدو رشيد، المعارض لنهج السلطة الحاكمة، والذي قضى نحبه في ناحية “شران” التابعة لمدينة عفرين قبل أيام قليلة، بتهمة زراعة الحشيش. وإذا عرفنا أن هذا الاتهام سبق إطلاقه على الكثيرين من معارضي هذه السلطة، سيظهر جلياً أن خلفية الاعتقال لم تكن سوى حجة من الحجج التي تمتهنها الإدارة الذاتية وتسوغها كمبررات لقمع معارضيها. ومعروف عن الرجل أنه لم يهادن نظام البعث ووقف بحزم  طوال السنوات الأخيرة في وجه انتهاكات العمال الكردستاني، إلى أن لصقت به تهمة زراعة الحشيش لتبرير اعتقاله، حيث يتم إدخاله وحيداً لقاعة المحكمة ليخرج “القاضي” بعد عدة دقائق، موجهاً كلامه لأقاربه، بأن ثمة خطب ما ألمَّ به!. بعض المقرّبين من المواطن الكردي محمد سيدو رشيد، أسرّوا: إن الرجل لم يتحمّل قسوة القرار والاتهام المساق بحقه. وأن الأوامر جاءت لعرضه على ما يسمّى بـ”محكمة الشعب”. فضربته ذبحة قلبية أدت إلى وفاته على الفور، نتيجة حالة العجز والمهانة التي تعرّض لها. فيما عجز ابنه عن إنقاذ الموقف. علماً أن اثنان آخران ممن قبض عليهم بنفس التهمة، أطلق سراحهم، دونما تجريم!.

يصف كثيرون سلطات الاتحاد الديمقراطي بأنها سلطات أمر واقع نتيجة استمرارها في سحق كل معارضيها، عبر محاكمها المنافية للأخلاق وقيم العدالة. في حين يرى آخرون أن الحقائق والمعطيات على الأرض تشير أنها ليست أكثر من سلطات وكالة تعهدت لأولياء نعمتها بالوفاء والاخلاص على صون الأمانة التي ائتمنت عليها. لا أكثر ولا أقل.

ما هو مفروغ منه أن هذه الطريقة البدائية والمتخلّفة والاستبدادية في نظم الحكم والإدارة والمقاضاة، ثمة من يصفق لها ويغدق عليها صنوف التبرير والمدائح، لكأننا أمام نسخة جديدة ورديئة من محاكمات الإغريق في بلاد التصفيق. والمضحك والمؤسف في الامر، أن الكثير من هؤلاء المبررين، ينعمون في بلاد المهجر الطوعي الأوروبي، وبعيدين عن لظى محاكم التفتيش الاوجلانية.

كاتب وصحفي كوردي : أمريكا تضغط على PKK وجناحه السوري PYD من البوابة التركية

بيرنار كوشنير: الوقت مناسب لاعلان الكورد استقلالهم


تعليقات فيسبوك
أترك تعليق
بحث
تابعنا علي فيسبوك

https://www.facebook.com/enkskobaniiiiiii/

الارشيف
القائمة البريدية
اشترك الان ليصلك كل جديد
%d مدونون معجبون بهذه: