يقول ناشطون ومراقبون كورد، إنه رغم تحرير مدينة كوباني في غربي كوردستان (كوردستان سوريا) منذ أربع سنوات من تنظيم داعش، إلاّ أن أكثر من نصف سكانها لا زالوا مهجرين في تركيا وإقليم كوردستان وأوربا، ولا يرغبون بالعودة.
ويعتقد عبدو علوش، وهو خريج كلية الاقتصاد وناشط سياسي، عاد إلى كوباني بعد تحريرها، أن «نسبة العائدين إلى كوباني المدينة وريفها لا تتجاوز 40%».
ويضيف علوش لـ (باسنيوز) «هناك عوامل وأسباب عدة ساهمت بشكل أو بآخر في عرقلة عودة الأهالي لديارهم بعد تحريرها من داعش»، ويذكر منها على السبيل المثال «تحويل مساحات كبيرة من الأماكن المدمرة إلى متحف في الوهلة الأولى، فمن كان يملك منزلاً تدمر وتحول إلى متحف لم يبقَ لديه أي دافع للعودة، بل بات يسعى للهجرة إلى أوروبا».
ويضيف إلى تلك الأسباب «التجنيد الإجباري والواقع التعليمي وفرض نمط سياسي معين وعدم إفساح المجال للمختلف لممارسة نشاطاته، ومجزرة كوباني أو ما تسمى بليلة الغدر في 25/06/2015 التي راح ضحيتها 600 شخص جلهم من النساء والأطفال».
ويشير علوش، إلى أن «ظروف الإقامة والمعيشة في دول الجوار ساهمت في عدم عودة أهالي كوباني، فهناك نسبة كبيرة من الناس وجدوا لأنفسهم فرص عمل مناسبة، ولم تعد تعنيهم كثيراً مسالة العودة، إلى جانب فتح أبواب الهجرة لأوروبا بتكاليف زهيدة بعد أن كانت حلماً بعيد المنال».

وبعد أربعة أشهر من المعارك الضارية، طردت وحدات حماية الشعب الكوردية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات البيشمركة التي وصلت المدينة من إقليم كوردستان في الـ 26 من يناير/ كانون الثاني 2015 تنظيم داعش من مدينة كوباني الكوردية في غربي كوردستان.
يقول الناشط المدني فرحان محمد، المقيم في تركيا، لـ (باسنيوز): «بعد تحرير كوباني لم نستطع العودة، لأن إدارة PYD حولت بقايا منزلنا ومحلاتنا المدمرة التي تقدر بملايين الليرات نتيجة الحرب، إلى متحف دون أن تعوضنا بأي شيء».
محمد يرى أن «إدارة PYD لم تولِ أي اهتمام بعودة الكورد إلى ديارهم، ولم تهتم بازدهار كوباني، حيث كان همها الأول والأخير مشروعها الحزبي».
ويقول المسؤول رفيع المستوى في كوباني، أنور مسلم، لوكالة الصحافة الفرنسية من المدينة: «بلغت نسبة الدمار 48 في المائة»، وتركزت في وسط وشمال كوباني، موضحاً «تدمر خمسة آلاف منزل في كوباني، وقد بلغت نسبة الإعمار نحو 70 في المائة».
ويعيش في كوباني حالياً، وفق قوله، 250 ألف نسمة مقارنة مع 400 ألف قبل الحرب. ولم يتمكن كثيرون من العودة حتى الآن.

ويوضح كمال علو، وهو معلم مدرسة يقيم في إقليم كوردستان، سبب عدم عودته إلى كوباني إلى الآن، بالقول: «لن أعود إلى كوباني، لأن PYD يجند أبناءنا في صفوف قواته الحزبية ويرسلهم ليموتوا دفاعاً عن المناطق العربية».
ويضيف «نحن مستعدون لأن نضحي بأكبادنا دفاعاً عن مناطقنا الكوردية، لكن صفقات PYD المشبوهة مع النظام والتحالف الدولي، ليس للكورد أي مصلحة فيها .. ليس همه القضية الكوردية، ولو كان يهمه لما حارب الأحزاب الكوردية ومنع نشاطها».
ويوضح عبدو علوش، أن «كوباني ومنذ الأزل بسبب موقعها الجغرافي تعد منطقة معزولة تجارياً تشهد أسواقها الركود في غالبية الأيام، والسبيل الوحيد لانتعاش السوق بوابة مرشد بينار مع تركيا، وتلك البوابة موصودة لأسباب سياسية، وهي منطقة زراعية تعتمد على الأمطار في الري لعدم وجود مشاريع الري والانخفاض الكبير لمنسوب المياه الجوفية».
ويلفت علوش إلى أن «سوق المنتجات الزراعية في كوباني يمتاز بعدم الاستقرار نظراً لانعدام المعامل والمصانع والمنتجات الزراعية لاستقبال الفائض من الاستهلاك المحلي، مما يجعله عرضة لتقلبات العرض والطلب، ونتائجها في الغالب تكون كارثية على الفلاح، ناهيك عن السنوات العجاف – كما هذا الموسم – التي تعصف بالمنطقة بين موسم وآخر، في ظل انعدام القروض والتسهيلات الزراعية، مما يزيد من أعباء العاملين في القطاع الزراعي».

ويردف علوش «يعتمد الكوبانيون وبشكل أساسي على العمالة في الخارج لرفد دخلهم، لذلك يمكن أن نقول إنه رغم ما ذكر فإن الأوضاع المعيشية مقبولة نوعاً ما، فهناك حركة عمرانية جيدة في المنطقة والتي تساهم بدورها في تشغيل الكثير العمال وتنعش جوانب عديدة من الأسواق في المنطقة».
ويؤكد في ختام تصريحه لـ (باسنيوز)، أن «للجالية الكوبانية الموجودة في أوروبا دور كبير في تخفيف العبء المعيشي عن طريق ما يقدمونه من إعانات مادية لمن تبقى من ذويهم في الوطن، كما أن هناك بعض المنظمات العاملة في المنطقة توجهت إلى تشغيل العاملين وتوفير فرص عمل لهم بدلاً من توزيع السلل الغذائية»، ويشير إلى أن «الإدارة القائمة استقطبت الكثير من الأيدي العاملة ضمن مؤسساتها برواتب قد لا تواكب الغلاء السائد والأعباء المعيشية، إلا أنها تعتبر جيدة مقارنة برواتب العاملين لدى النظام، فهي تتراوح بين 40 – 100 ألف ليرة سورية».
مرتبط